" الجنة تنادي "
الشيخ / خالد الراشد
إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه
ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له
ومن يضلل فلا هادي له ..
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا
شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ..
﴿ يَآ أَيَّهَا الَّذِينَ آَمَنُواْ
اتَّقُواْ اللهَ وَ قُولُواْ قَولاً سَدِيداً ، يُصلِحْ لَكُم أَعْمَالَكُم وَ يَغْفِرْ
لِكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَ مَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزَاً عَظِيمَاً
﴾ .. ﴿ وَ مَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ
فَازَ فَوْزَاً عَظِيمَاً ﴾..
أما بعد :
فإنَّ أصدق الحديث كلام الله ..
وخير الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه
وسلم ..
وشرَّ الأمور محدثاتها ..
وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل
ضلالة في النار ..
كلٌ يسبح في السماوات *** العلا
والأرض للمتفرد الخلَّاق
ولوجهه عنت الوجوه وسبَّح*** الملكوت من زهر ومن أشواك
يا بادئ الحياة من عدم*** ويا منشي الحياة وباسط الأرزاق
لك وحدك اللهم جال تفكري*** وهواك ملئ قلبي الخفاق
ولوجهه عنت الوجوه وسبَّح*** الملكوت من زهر ومن أشواك
يا بادئ الحياة من عدم*** ويا منشي الحياة وباسط الأرزاق
لك وحدك اللهم جال تفكري*** وهواك ملئ قلبي الخفاق
أحبتي حاضرين وحاضرات ...
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
حياكم الله وبياكم ..
أنا وإياكم في ضيافة الرحمن الرحيم.. فهذا
بيته ..الذي أذن أَن يُرفَع ويُذكر فيه اسمه ..
فله الحمد كله ، وله الشكر كله ، وبيده
الخير كله ، وإليه يرجع الأمر كله علانيته
وسره..
عنوان ليلتنا هذه المباركة :
"الجنة تنادي "
نعم أحبتي ..
إنها ليست جنة ..
ولكنها جنان ..
فلقد جاءت أم حارثة رضي الله عنها تسأل
عن حارثة رضي الله عنه بعد مقتله ، قالت :
يا رسول الله أين حارثة في النار فأبكيه ، أم في الجنة فاأفرح له ؟! ..
فقال الصادق المصدوق صلوات ربي وسلامه
عليه :
( أهبلت يا أم حارثة !! إنها ليست جنة
..إنها ليست جنة ولكنها جنان ، وإن حارثة أصاب الفردوس الأعلى ) ..
أحبتي ..
ذكر الجنة حياة للقلوب ، ونسيان الجنة
موت للقلوب ..
فأردت من موضوعي الليلة في هذه الأيام
والليالي المباركة ..
تحريك القلوب ..
وتشويق النفوس ..
ورفع الهمم لطلب أعلى الدرجات وعدم
الرضا بالدنيات ..
فهيا ننطلق أنا وإياكم في رحاب أبواب
الجنة التي تفتحت أبوابها ..
اعلموا رعاكم الله ..
مهما جال في خواطركم ..
أو تردد في أذهانكم ..
فإنَّ في الجنة ما هو أعلى منه وأتم
..
صرح بذلك نبينا صلى الله عليه وسلم تصريحاً
فقال :
( قال الله : أعددت لعبادي الصالحين
ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ) ..
مصداق ذلك قوله تبارك تعالى في كتابه :
﴿ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن
قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ ..
فيا أيها المشتاقون ..فيا أيها
المشتاقون ..
مهما كان جمال الوصف فلا يعدُّ شيئاً
بجانب الحقيقة الساطعة التي طبعها الله عليها – أي طبع الجنة عليها - لأنَّ الله
تعالى ..
إنما وصفها لنا على قدر عقولنا ..
وصوّرها على حسب تصورنا وفهمنا..
يقول ابن القيم رحمه الله : وكيف يقدر
العقل القاصر الضعيف قدر ..
جنةٍ ..
غرسها الرحمن بيده ..
وجعلها جزاءً لأحبابه ..
وملأها برضوانه ورحمته ..
وزيَّنها وأتقنها بعظيم قدرته ..
ووصف نعيمها بالفوز العظيم ..
ووصف مُلكها بالمُلك الكبير ..
قال الله : ﴿ وَإِذَا
رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً ، عَالِيَهُمْ ثِيَابُ
سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ
رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً ﴾ ..
تأمل وتدبَّر معي من الذي سقاهم !! ﴿ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ
شَرَاباً طَهُوراً ، إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاء وَكَانَ سَعْيُكُم
مَّشْكُوراً ﴾ ..
هذه هي أيام بذل الثمن في الوصول إلى
تلك الدرجات وتلك الجنان ..
والله إنه لنعيمٌ لا يستطيع الخيال له
تصويرا ..
ولا يستطيع اللسان عنه تعبيرا ..
وليس الخبر كالمعاينة..
فانتظر ﴿ َإِذَا
الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ ﴾ ..
إنها..
الجَنّة ، ودَارُ السَّلَام ، ودَارُ
الخُلد ، ودَار المُقَامَة ، ودَارُ الحَيَوَان ..
إنها
..
جَنَّةُ المَأْوَى ، والمَقَامُ الأَمِين
، وجَنَّاتُ عَدْنٍ ، وجَنَّاتُ النَعِيْم ..
إنها ..
﴿ مَقْعَدُ صِدْقٍ عِنْدَ مَليكٍ مُقْتَدِر ﴾ ..
إنها ..
الفِرْدَوْس .. وما أدراك ما الفردوس
!!..
ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم قال :
( إذا سألتم الله الجنة فاسألوه
الفردوس ..فإنه أعلى الجنة ، وأوسط الجنة ، ومنه تُفجّر أنهار الجنة ، وفوقه عرش
الرحمن ) ..
فإذا أردت أيها المشتاق أن تكون من
أهل الفردوس فاسمع أوصافهم كما جاء في سورة المؤمنون :
بسم الله الرحمن الرحيم :﴿ قَدْ أَفْلَحَ
الْمُؤْمِنُونَ ، الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ، وَالَّذِينَ هُمْ
عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ ، وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ ، وَالَّذِينَ
هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ ، إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ
أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ، فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ
هُمُ الْعَادُونَ ، وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ، وَالَّذِينَ
هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ ﴾ ، فإذا اتصفوا بتلك الصفات فماذا
لهم ؟!: ﴿ أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ ، الَّذِينَ يَرِثُونَ
الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ ..
اللهم لا تحرمنا خير ما عندك بأسوأ ما
عندنا يا أرحم الراحمين ..
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( أول زمرة يدخلون الجنة على صورة
القمر ليلة البدر ، ثم الذين يلونهم على أشدّ كوكب دريّ في السماء إضاءة ، لا
يبولون ، ولا يتغوطون ، ولا يتفلون ، ولا يتمخطون ، أمشاطهم الذهب ، ورشحهم المسك
، ومجامرهم الأُلُوَّة ، أزواجهم الحور العين ، على خلق رجل واحد على صورة أبيهم
آدم عليه السلام ) متفق عليه ..
وعن كعب رضي الله عنه قال : ما نظر الله
إلى الجنة إلا قال : طيبي لأهلك...فتزداد ضعفاً حتى يدخلها أهلها ..
اسمع أيها المشتاق .. اسمع أيها
المشتاق وزد شوقاً واستبشاراً..
عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال:
إن أبواب الجنة هكذا بعضها فوق بعض ، ثم قرأ قوله تعالى ﴿ حَتَّى إِذَا
جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا ﴾ فإذا هم عندها بشجرة في أصلها
عينان تجريان ، فيشربون من أحداهما فلا يترك في بطونهم قذىً ولا أذىً إلا رمته ،
ويغتسلون من الأخرى فتجري عليهم نضرة النعيم فلا تشعث رؤوسهم ولا تخضل أبشارهم بعد
هذا أبداً، ثم قرأ قوله تعالى ﴿ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا
خَالِدِينَ ﴾ ..فيدخل الرجل وهو يعرف منزله ويتلقاهم الولدان
، فيستبشرون برؤيتهم كما يستبشر الأهل بالحميم يقدم من بعد غياب ، فينطلقون إلى أزواجهم فيخبرونهم – يخبرون الأزواج بقدوم الأحباب - فتقول : أنت رأيته ؟! فيقوم إلى الباب فيدخل إلى بيته
فيتكأ على سريره فينظر إلى أساس بيته فإذا هو قد أُسس على اللؤلؤ ، ثم ينظر في
أخضر وأحمر وأصفر ، ثم يرفع رأسه إلى سماء بيته فلولا أنه خلق له لاكتمع بصره – أي
ذهب بصره من ذلك الجمال – فيقول: ﴿ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي
هَدَانَا لِهَـذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللّهُ لَقَدْ
جَاءتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُواْ أَن تِلْكُمُ الْجَنَّةُ
أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ ..
فيا حبذا الجنة واقترابها .. طيبةٌ
وبارد شرابها ...
اسمع أيها المستبشر.. واسمع أيها
المشتاق ..
إن الله جلت قدرته أعد في الجنة غرفاً
شفافة يُرى ظاهرها من باطنها ، وباطنها من ظاهرها ، متألقة كأنها النجوم بلغت حدَّ
الكمال في السعة والتمكين ..
قصورها من ذهب لا يشاكله ذهب الدنيا
ولا يماثله لأنه جوهر شفاف في غاية الصفاء..
وحصباء أرضها الياقوت والجوهر..
وترابها المسك والزعفران ..
مفروشة بالفُرش الناعمة من السندس والأطاليس
والاستبرق في غاية الرقة والنعومة ..
تتشقق في أرجائها الأنهار ، وتجري في وسطها
الغدران ..
قال تعالى : ﴿ لَكِنِ
الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِّن فَوْقِهَا غُرَفٌ مَّبْنِيَّةٌ
تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ
الْمِيعَادَ ﴾ ..
وروى الترمذي في جامعه عن علي رضي
الله عنه قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
:
(إنَّ في الجنة لغرفاً يُرى ظاهرها من
بطونها ، وبطونها من ظهورها ) ، فقام إعرابي فقال : يا رسول الله لمن هذه الغرف ؟!،
قال :
( لمن طيّب الكلام ، وأطعم الطعام ، وأدام الصيام ، وصلى بالليل والناس نيام )..
فهذا هو الثمن فادفعوه ما دمنا في زمن
الإمكان ..
أما أعظم نعيم في الجنان فهو ..
التمتع بالنظر إلى وجه الرحمن ..
وهذا مؤكد في السنة و في آيات القرآن
..
قال تعالى : ﴿ وَاللّهُ
يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ
،لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ
قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ ..
{ فالحسنى } : هي الجنة ..
و{ الزيادة } : هي النظر إلى وجهه الكريم ..
فيا نظرة أهدت إلى الوجوه نضرة *** أضاء
لها نورٌ من الفجر أعظم
للهِ أفراح المحبين عندما*** يخاطبهم من فوقهم ويُسلِّم
وللهِ أبصار ترى الله جهرة فلا*** الضيم يغشاها ولا هي تسأم
والذي لا إله إلا هو لقد أخبر الله بهذا ، وأخبر به الذي لا ﴿ يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى ، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ﴾ ..
للهِ أفراح المحبين عندما*** يخاطبهم من فوقهم ويُسلِّم
وللهِ أبصار ترى الله جهرة فلا*** الضيم يغشاها ولا هي تسأم
والذي لا إله إلا هو لقد أخبر الله بهذا ، وأخبر به الذي لا ﴿ يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى ، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ﴾ ..
سترى ربك ..سترى ربك..
سترى الذي خلقك وصورك ..
سترى الذي كساك وسقاك وأطعمك ..
سترى الذي للإسلام والإيمان هداك
ووفقك ..
﴿ تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ
سَلَامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْراً كَرِيماً ﴾ ..
في الصحيحين عن جرير بن عبد الله قال
: نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى
القمر ليلة البدر فقال : ( إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر ) ..
فما هو الثمن ؟؟؟!!!.. فما هو
الثمن ؟؟؟!!!..
اسمع رعاك الله ..
ثم قال صلى الله عليه وسلم :
( فإن استطعتم أن لا تُغلبوا على صلاة
قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا ) ..
فأبشروا يا أهل صلاة الفجر والعصر ..
ويا خسارة النائمين.. ويا خسارة المتخلفين ..
فأبشروا يا أهل صلاة الفجر والعصر ..
ويا خسارة النائمين.. ويا خسارة المتخلفين..
قال ابن مسعود رضي الله عنه : والله
ما منكم من إنسان إلا أن ربه سيخلو به يوم القيامة كما يخلو أحدكم بالقمر ليلة
البدر ..
وقال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما
: إن أدنى أهل الجنة منزلة مَن ينظر إلى ملكه ألفي عام يرى أدناه كما يرى أقصاه ، وإن
أفضلهم منزلة لمن ينظر إلى وجه الله في كل يوم مرتين ... وإن أفضلهم منزلة لمن
ينظر إلى وجه الله في كل يوم مرتين ...
وقال الحسن رحمه الله : لو علم
العابدون في الدنيا أنهم لا يرون ربهم في الآخرة لذابت أنفسهم في الدنيا ولتقطعت كبودهم
كمداً..
عباد الله ..
قال الله جل في علاه : ﴿ مَن كَانَ
يَرْجُو لِقَاء اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ
الْعَلِيمُ ، وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ
لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ﴾ ..
ومن دعائه صلى الله عليه وسلم :
( اللهم إني أسألك لذة النظر إلى وجهك
، والشوق إلى لقاءك في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة ) ..
اللهم لا تحرمنا لقاءك ، والنظر إلى
وجهك يا رب العالمين..
فيا بائعاً هذا ببخس مُعجّل*** كأنك
لا تدري ، بلى سوف تعلم
فإن كنت لا تدري فتلك مصيبةٌ*** وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم
فإن كنت لا تدري فتلك مصيبةٌ*** وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم
هذا هو أعظم النعيم ..
وإنَّ أعظم العذاب في النار حرمانهم
من النظر إلى وجه الجبار ﴿ كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ
يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ ﴾ ..
هذا هو أقسى عذابهم ..
كما أنَّ أعظم نعيم هو رؤيته جل جلاله
..
أما ما فيها من الثواب والنعيم ..
ففيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين
وهم فيها خالدون ..
لا يموتون ، لا يمرضون ، لا يهرمون ..
فيها دور وقصور ..
وأنهار وأشجار..
وجنات من نخيل وأعناب ..
حدَّث رسولنا صلى الله عليه وسلم أصحابه
يوماً فقال :
( بينما أنا نائم رأيتني في الجنة
فإذا امراة تتوضأ إلى جانب قصر ، قلت لمن هذا القصر ؟! قالوا : لعمر بن الخطاب ، فذكرت غيرتك يا عمر
فوليت مدبراً ) .. فبكى عمر رضي الله عنه وقال : أعليك أغار يا رسول الله !! ..
وقال بأبي هو وأمي :
( إن للمؤمن في الجنة لخيمةً من لؤلؤة
واحدة مجوفة طولها ستون ميلاً ، له فيها أهلون
، يطوف عليهم المؤمن فلا يرى بعضهم بعضاً) ..
أما الأشجار..
فقد ذكر الله فيها : ﴿ فِي سِدْرٍ
مَّخْضُودٍ ، وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ ، وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ ، وَمَاء مَّسْكُوبٍ ، وَفَاكِهَةٍ
كَثِيرَةٍ ، لَّا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ ﴾ ..
وروى الشيخان أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال :
( إنَّ في الجنة لشجرة يسير الراكب
الجوّاد المُضَمَّر السريع في ظلها مئة عام لا يقطعها ) ..
أما الثمار..
فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه
يوماً وصف بعض ثمر الجنة فقال :
( إنه عرضت علي الجنة وما فيها من
الزهرة والنضرة فتناولت قطفاً من عنب لآتيكم به فحيل بيني وبينه ولو أتيتكم به
لأكل منه من بين السماء والأرض لا ينتقصونه )..
لباسهم السندس والاستبرق والحرير..
مجالسهم في ﴿ سُرُرٌ
مَّرْفُوعَةٌ ، وَأَكْوَابٌ مَّوْضُوعَةٌ ، وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ ، وَزَرَابِيُّ
مَبْثُوثَةٌ ﴾ ..
قال الله جل في علاه : ﴿ إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ ، عَلَى الْأَرَائِكِ
يَنظُرُونَ ، تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ ، يُسْقَوْنَ مِن
رَّحِيقٍ مَخْتُومٍ ، خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ
الْمُتَنَافِسُونَ ﴾ ..
هذا جزاؤهم ..
وهذا ثوابهم ..
فلطالما تعبت أبدانهم من الجوع والسهر
..
لطالما حفظوا جوارهم عن اللهو
والبطر..
لطالما تغنوا بالقرآن وقت السحر ..
ثم أتبعوا ذلك بالدموع والاستغفار
والدعاء والذكر ..
فهم ﴿ عَلَى
الْأَرَائِكِ يَنظُرُونَ ﴾ ..
ينظرون إلى ما أعطاهم الله من الكرامة
..
وينظرون إلى أعدائهم حين يعذبون ..
فيا حسنهم ..
والولدان بهم يحفون ، وبين أيديهم
يقفون، وقد أمنوا مما كانوا يخافون ..
يقولون ﴿ إِنَّا كُنَّا
قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ ، فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ
السَّمُومِ ، إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ
الرَّحِيمُ ، فَذَكِّرْ فَمَا أَنتَ بِنِعْمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ
﴾ ..
جاء في الحديث القدسي أنَّ الله تبارك
وتعالى يقول :
( وعزتي وجلالي لا أجمع على عبدي أمنين
ولا خوفين ، من أمنني في الدنيا خوفته في الآخرة ، ومن خافني في الدنيا أمنته في
الآخرة )..
فـ ﴿ هُمْ فِي
الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ ﴾ ..
فيا أيها الغافل ..
ربح القوم ..وخسرت ..
وساروا إلى الحبيب مسرعين ..وما سرت..
وقاموا بالأوامر ..وضيعت ما به
أُمرت..
هل جاءك من خبر العيون والأنهار التي
تجري تحت تلك الدور والقصور ..
فإنها أنهار تجري من تحت غرفهم
وقصورهم وبساتينهم ..
من يشرب من هذه الأنهار شربة لا يظمأ
بعدها أبداً ..
وماؤها أشد بياضاً من اللبن ، وأحلى
من العسل ، وأبرد من الثلج ، وأطيب ريحاً من المسك ، لا تنقص بكثرة الشراب ، ولا
تتغير بطول المكث ..
شربها يزيد في نور الوجوه والأجسام ، وينور
القلوب والأرواح والأبدان ..
الشارب منها يزداد معرفة وقرباً
وشوقاً ويقيناً..
قال الله جل في علاه : ﴿ مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا
أَنْهَارٌ مِّن مَّاء غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ
طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ
عَسَلٍ مُّصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِّن
رَّبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيماً فَقَطَّعَ
أَمْعَاءهُمْ ﴾..
قال جل في علاه : ﴿ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ﴾ ..
عند البخاري من حديث أنس أن رسولنا
صلى الله عليه وسلم قال :
( بينما أنا أسير في الجنة إذا أنا
بنهر حافتاه قباب اللؤلؤ المجوَّف ، فقلت : ما هذا يا جبريل ؟ قال هذا الكوثر الذي أعطاك ربك ، قال فضرب الملك بيده فإذا طينه مسك أذفر) ..
هذا من خبر الأنهار ..
أما العيون ..
فقد قال تعالى : ﴿ إِنَّ
الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ﴾ ..
وقال سبحانه ﴿ إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ
مِزَاجُهَا كَافُوراً عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ﴾ أنظر إلى من نسبهم
في العبودية ﴿ عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ ﴾ وهذا أعظم الشرف
وأعظم النداء ..
ومما زادني شرفاً وتيهاً *** وكدت
بأخمصي أطأ الثريا
دخولي تحت قولك يا عبادي*** وأن صيَّرت لي أحمد نبياً
دخولي تحت قولك يا عبادي*** وأن صيَّرت لي أحمد نبياً
﴿ إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ
مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُوراً عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا
تَفْجِيراً ﴾ ..
وقال سبحانه :﴿ وَيُسْقَوْنَ
فِيهَا كَأْساً كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلاً ، عَيْناً فِيهَا تُسَمَّى
سَلْسَبِيلاً ﴾ ..
فأخبر سبحانه عن مزج شرابهم بالكافور
والزنجبيل فإن في الكافور من البرد وطيب الرائحة ، وفي الزنجبيل من الحرارة وطيب
الرائحة ، ومجيء أحدهما على إثر الآخرى حالة أكمل وأطيب وألذ..
قال مجاهد وقال عكرمة في قوله تعالى :
﴿ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيراً ﴾ أي يتصرفون
فيها حيث شاءوا ، وأين شاءوا، ومتى شاءوا ، تحت قصورهم ودورهم ومجالسهم ومحالهم ..
والتفجير هو الإنباع كما قال تعالى : ﴿ وَقَاْلُوا لَن
نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنبُوعاً ﴾ ..
والذي بعث محمداً بالحق ..والذي
بعث محمداً بالحق لو قيل لك : سنعطيك داراً بجانب النهر لطرت فرحاً وسروراً ..
والله لو قيل لك في الدنيا .. سنعطيك
داراً بجانب النهر لطرت فرحاً وسروراً ..
فكيف أنت بقصور تجري من تحتها الأنهار
!!!!..
أليس ذلك من أعظم البشارات ، وأعظم
الأعطيات !!!..
ولن يحلو المقام في تلك الدور والقصور
والجنات والأشجار التي تتفجر فيها العيون وتجري تحتها الأنهار إلا بمعانقة الحور ،
وفضِّ الأبكار في الدور والقصور وتحت الأشجار وعلى ضفاف الأنهار ..
لن يحلو المقام في القصور وتحت الأشجار وعلى ضفاف الأنهار إلا
بمعانقة الحور ، وفضِّ الأبكار في الدور والقصور وتحت الأشجار وعلى ضفاف الأنهار ..
إنهنّ الخيّرات الحسان اللاتي لم
يطمثهنَّ أنس قبلكم ولا جان ..
وصفهن الله فقال : ﴿ كَأَنَّهُنَّ
الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ ﴾ ..
إن غنت فيا لذة الأبصار والأسماع..
وإن آنست وأمتعت فيا حبذا تلك
المؤانسة والامتاع..
وإن قبلَّت فلا شيء أشهى إليه من ذلك
التقبيل..
وإن نوَّلت فلا ألذ ولا أطيب من ذلك
التنويل..
وإن خاصرت فيا لذة تلك المعانقة
والمخاصرة ..
وإن حاضرت فيا حسن تلك المحاضرة..
فما ظنك بامرأة إذا ضحكت في وجه زوجها
أضاءت الجنة من ضحكها وابتسامتها ..
وإذا انتقلت من قصر إلى قصر قلت هذه
الشمس متنقلة في بروج فلكها..
سماهنّّ الله بالحور العين ..
سماهنّّ الله بالحور العين ..
والحور : جمع حوراء ، وهي المرأة
الشابة الحسناء ، الجميلة البيضاء ، شديدة سواد العيون العيون ..
أو هي التي يحار المرء في حسنها
وجمالها ..
أو هي التي يحار بها الطرف من رقة
الجلد وصفاء اللون ..
حسان العيون .. يُرى ساقها من وراء
ثيابها.. ويرى الناظر وجهه في وجهها من صفاء لونها فهنَّ بصفاء الياقوت ، وبياض
المرجان ..
قال صلى الله عليه وسلم :
( لو أنَّ امرأة من نساء أهل الجنة
اطلعت على الأرض لأضاءت ما بينهما ، ولملأت ما بينهما ريحاً ، ولنصيفها على رأسها خير
من الدنيا وما فيها ) .. فلا إله إلا الله ..فلا إله إلا الله .. إذا كان نصيفها –
أي خمارها - خير من الدنيا وما فيها ، فكيف بصاحبة الخمار!!.. فكيف بصاحبة
الخمار!!..
قال الله : ﴿ إِنَّا
أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاء ، فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَاراً ، عُرُباً أَتْرَاباً ، لِّأَصْحَابِ
الْيَمِينِ ﴾ ..
وقال سبحانه : ﴿ فِيهِنَّ
خَيْرَاتٌ حِسَانٌ ، فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ، حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ
فِي الْخِيَامِ ، فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ، لَمْ يَطْمِثْهُنَّ
إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ ، فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾ ..
يروى عن ثابت أنه قال : كان أبي من
القوّامين لله في سواد الليل.. يقول أبوه : رأيت ذات ليلة في منامي امرأة لا تشبه
النساء ، فقلت لها : من أنت يا أمة الله ؟!
قالت : أنا حوراء من حور الجنة ..
فقلت : زوجيني نفسك ..
فقالت: اخطبني من عند ربي وادفع
مهري..
فقلت : وما مهرك ؟! ..
فقالت : مهري طول التهجد ، والقيام في الظلام ....
فقالت : مهري طول التهجد ، والقيام في الظلام ....
اسمعوا يا نيام !!.. اسمعوا يا
نيام !!..
ولله در من قال :
يا خاطب الحور في خدرها*** وطالباً
ذاك على قدرها
انهض بجدٍ لا تكن وانياً*** وجاهد النفس على صبرها
وقم إذا الليل بدا وجهه*** وصم نهاراً فهو من مهرها
فلو رأت عيناك إقبالها*** وقد وبدت رمانتا صدرها
وهي تمشي بين أترابها*** وعقدها يشرق في نحرها
لهان في نفسك هذا الذي*** تراه في دنياك من زهرها
انهض بجدٍ لا تكن وانياً*** وجاهد النفس على صبرها
وقم إذا الليل بدا وجهه*** وصم نهاراً فهو من مهرها
فلو رأت عيناك إقبالها*** وقد وبدت رمانتا صدرها
وهي تمشي بين أترابها*** وعقدها يشرق في نحرها
لهان في نفسك هذا الذي*** تراه في دنياك من زهرها
عن عامر بن عبد الواحد قال : بلغني
أنَّ الرجل من أهل الجنة يمكث في مكانه سبعين سنة ..ثم يلتفت فإذا بامرأة أحسن ممن
كانت معه تناديه فتقول له : وليَّ الله.. أما آن أن يكون لنا فيك نصيب ؟ ! ..
فيقول : من أنت يا أمة الله ؟ ..
فتقول : أنا من الذين قال الله فيهم :
﴿ وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ ﴾ ..
فيمكث معها سبعين سنة ثم يلتفت ، فإذا
بامرأة أحسن مما كانت معه ، فتقول له : وليَّ الله.. أما آن أن يكون لنا فيك نصيب
؟ ..
فيقول : من أنت يا أمة الله؟ ..
فتقول : أنا من الذين قال الله فيهم ﴿ فَلَا تَعْلَمُ
نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ ﴾ ..
هل سمعت قول الله في سورة يس عن أصحاب
الجنة ﴿ إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي
شُغُلٍ فَاكِهُونَ ، هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ
مُتَّكِؤُونَ ، لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُم مَّا يَدَّعُونَ ، سَلَامٌ قَوْلاً
مِن رَّبٍّ رَّحِيمٍ ﴾ ..
قال أهل التفاسير في قوله تعالى ﴿ فِي شُغُلٍ
فَاكِهُونَ ﴾ قالوا في فضِّ الأبكار ، وكلما جامعها رجعت
بكراً كما كانت ..
سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم :
أنصل إلى نساءنا في الجنة ؟ ..
فقال له :
( إن الرجل ليصل في اليوم إلى مئة
عذراء ، وعدد الأزواج بحسب تفاوت الدرجات في الجنات )..
ولا تتعجب من ذلك ..فإن الرجل يؤتى في
الجنة قوة مئة رجل..
فهل قدمت مهرها ؟!.. فهل قدمت
مهرها ؟!..
وهل دفعت ثمنها ؟! ..
قال مالك بن دينار : كان لي أحزاب
أقرؤها كل ليلة ، فنمت ذات ليلة فإذا أنا في المنام بجارية ذات حسن وجمال وبيدها
رقعة ، فقالت : أتحسن أن تقرأ ؟..
فقلت : نعم ، فدفعت إلي الرقعة ، فإذا
مكتوب فيها فيها هذه الأبيات :
لهاك النوم عن طلب الأماني *** وعن
تلك الأوانس في الجنان
تعيش مخلداً لا موت فيها*** وتلهو في الخيام مع الحسان
تنبّه من منامك إن خيراً*** من النوم التهجد بالقرآن
تعيش مخلداً لا موت فيها*** وتلهو في الخيام مع الحسان
تنبّه من منامك إن خيراً*** من النوم التهجد بالقرآن
وأجمل الكلام كلام الرحمن الذي قال :﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ ، فِي
جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ، يَلْبَسُونَ مِن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَقَابِلِينَ ، كَذَلِكَ
وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ ، يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ ، لَا
يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ
الْجَحِيمِ ، فَضْلاً مِّن رَّبِّكَ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ، فَإِنَّمَا
يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ، فَارْتَقِبْ إِنَّهُم
مُّرْتَقِبُونَ﴾ ..
ستسمعون غناء الحور ..
وستسمعون كلامها .. الذي يسبي العقول
بنغمة زادت على الأوتار والألحان ..
يقلن : نحن الخالدات فلا نبيد ، ونحن
الناعمات فلا نبأس ، ونحن الراضيات فلا نسخط ، طوبى لمن كان لنا وكنا له ...
تقول عائشة رضي الله عنها حبيبة
الحبيب التي طهَّرها الله وزكَّاها وأظهر براءتها من فوق سبع سماوات .. ألا لعنة
الله على من يمس في عرضها أو يطعن في شرفها ..
تقول رضي الله عنها وأرضاها : إن
الحور العين إذا قلنَ هذه المقالة ..
اسمعي بارك الله فيك..
إنَّ الحور العين إذا قلنَ هذه
المقالة أجبنهنّ المؤمنات من نساء الدنيا :
نحن المصليات وما صليتن ..
ونحن الصائمات وما صمتن ..
ونحن المتوضئات وما توضئتن ..
ونحن المتصدقات وما تصدقتن ..
قالت عائشة : فغلبنهن _ أي نساء
الدنيا المؤمنات غلبن الحور العين -..
فأنت أكرم عند الله من الحور العين..
وأنت أجمل منهن ..
أنت أكرم وأجمل ..
ولولا حياء المرأة لوصف الله ما أعد
لهن في الجنان..
فشمري يا أمة الرحمن .. فشمري يا
أمة الرحمن ..
فإن الله قال ﴿ وَلَهُنَّ
مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ ﴾ ..
إليك أيها المستبشر..إليك أيها
المشتاق ..
أخباراً من أخبار من سبقونا إلى الجنان..
ألم تسمع أيها المشتاق ..
ألم تسمع نداء الله وهو ينادينا للحاق
بهم ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ
اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ .. ﴿ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ
﴾ ..
ولما نزل قوله تعالى : ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ
فَخُورٍ ﴾ أغلق ثابت بن قيس خطيب الأنصار وخطيب رسول الله
صلى الله عليه وسلم ..أغلق بابه و دراه وجلس يبكي وطال مكثه على هذه الحال ، حتى
بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره فدعاه ، فجاء ثابتٌ وقال : يا رسول الله
إني أحب الثوب الجميل والنعل الجميل ، وقد خشيت أن أكون من المختالين .. وقد
خشيت أن أكون من المختالين .. حين قال الله : ﴿ إِنَّ اللَّهَ
لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ﴾ ، فقال الشافع المشفع صلى الله
عليه وسلم وهو يضحك :
( إنك لست منهم بل تعيش بخير ، وتموت بخير ، وتدخل الجنة ) ..
إنك لست من المختاين ، بل تعيش بخير
، وتموت بخير ، وتدخل الجنة ..
قال الله عنهم وعمن سار على دربهم : ﴿ وَالسَّابِقُونَ
الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم
بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ
تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ
الْعَظِيمُ ﴾ ..
وإليك أنت أيضاً أيتها المستبشرة
المشتاقة ..
إليك من أخبار من سبقوكِ إلى الجنان من
الصادقات..
عن أبي هريرة رضي الله عنه أتى جبريل
عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله : هذه خديجة قد أتت
ومعها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب ، فإذا هي أتتك فأقرأ عليها من ربها ومني
السلام.. فإذا هي أتتك فأقرأ عليها من ربها ومني السلام.. وبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب
﴿ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ
وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴾ ..
أما سمعتِ رعاك الله ..
عن آسية بنت مزاحم التي صبرت على أذى
فرعون وقومه ..
لمّا علم فرعون بخبر إسلامها وإيمانها
سامها أشد العذاب ..
فخرج على قومه وقال لهم : ما تعلمون من
آسية بنت مزاحم ؟!..فأثنوا عليها فقال لهم : إنها تعبد رباً غيري .. فقالوا : اقتلها ..
فسمّر يديها ورجليها ، وألقى بها في
الشمس ، ووضع الرحى على ظهرها ..
يا الله كم تحملوا وصبروا على ما
أوذوا وما نكصوا على أعقابهم ..
فسمّر يديها ورجليها – وهي المرأة
الضعيفة - وألقى بها في الشمس ، ووضع
الرحى والصخر على ظهرها ..فإذا آذاها وهج الشمس أظلتها الملائكة بأجنحتها ..
فلما اشتد عذاب فرعون وظلمه وشماتته
قالت آسية رضي الله عنها ﴿ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتاً
فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ
الظَّالِمِينَ ﴾ ..
فأطلعها العلي القدير حتى رأت مكانها
في الجنة فرأت بيتها في الجنة يبنى أمامها
- قيل إنه درة من اللؤلؤ - فضحكت رضي الله عنها حين رأت ذلك ..
ووافق ذلك حضور فرعون فقال للملأ : ألا
تعجبون من جنونها إنّا نعذبها وهي تضحك ..
رأت ما لا عين رأت .. رأت ما لا
عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر..
رأت جزاء ثباتها ، ورأت جزاء صدقها ،
فعجل الله لها بشراها في دنياها ..
فقبض الله روحها ، ونجاها من القوم
الظالمين ، ورفعها إلى الجنة ..
فهي بجوار رب العالمين .. أليست هي
التي طلبت الجوار قبل الدار..
عجباً ..
لمن يعلم أن الجنة موجودة تزخرف ، وتُفتح
أبوابها ثم لا يشتاق إليها ويسعى لها !!..
قال صلى الله عليه وسلم :
( من خاف أدلج ، ومن أدلج بلغ المنزل ، ألا إنَّ سلعة الله
غالية ..ألا إن سلعة الله الجنة ) ..
إنها الجنة ..
التي لا يُسأل بوجه الله العظيم غيرها
..
إنها الجنة ..
التي لا يُسأل بوجه الله العظيم غيرها لكرامتها على الله ..
إنها الجنة ..
التي اشتاق إليها الصالحون..
وقدم مهرها الصادقون ..
فاسألوا عنها جعفر الطيار ، وعمير بن
الحمام ، وحرام بن ملحان..
اسألوا أنس بن النضر ، و عامر بن أبي
فهيرة..
واسألوا عمرو بن الجموح ، وعبد الله
بن أبي رواحة ..
اسألوا خطاب عنها ، وأبا الوليد ..
إنها الجنة ..
دار كرامة الرحمن فهل من مشمر لها !!
..
إنها الجنة ..
فاعمل لها بقدر مقامك فيها ..
إنها الجنة ..
فاعمل لها بقدر شوقك إليها ..
إنها الجنة ..
دار الموقنين بوعد الله ..
المتهجدين في ظلام الليل ..
والصائمين في الهواجر ..
والله الذي لا إله إلا هو ما حُلّيت
الجنة ولا زُينَّت لأمة من الأمم مثلما حُليت وزُينّت لأمة محمد صلى الله عليه
وسلم ..
والله ما حُلّيت الجنة ولا زُينَّت
لأمة من الأمم مثلما حُليت وزُينّت لأمة محمد صلى الله عليه وسلم ..
ومع هذا ..
لا نرى لها عاشقاً ..
ولم نسمع لها طالباً ..
فيا أيها المشتاق ..
ويا أيتها المشتاقة ..
اسمعوا قوله صلى الله عليه وسلم :
( إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة ، وغلّقت
أبواب جهنم ، وسلسلت الشياطين ) ..
نعم ستفتح حقيقة لا خيال ..
وسيناديك المنادي ..
يا باغي الخير أقبل ..
ويا باغي الشر أقصر..
فأين المشمرات ؟؟!!!..
وأين المشمرون ؟؟!!!..
ولمن الجنة تكون ؟!..
﴿ تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي
نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيّاً ﴾ ..
فإذا أردت اأن تكون من أهلها وسكانها
فإليك صفاتهم علك تفوز بها : ﴿ وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ
مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ
لِلْمُتَّقِينَ ، الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء
وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ
الْمُحْسِنِينَ ، وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ
أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ
الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ
يَعْلَمُونَ ﴾ نعم يذنبون .. ولكنهم لا يُصرّون على الذنب .. ويتوبون
ويستغفرون ﴿ أُوْلَـئِكَ
جَزَآؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا
الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ﴾ ..
مرَّ إعرابي على النبي صلى الله عليه
وسلم وهو يقرأ :﴿ إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ
الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ ﴾ ..
فقال الإعرابي : كلام من هذا ؟..
فقال النبي صلى الله عليه وسلم :
( هذا كلام الرحمن ) ..( هذا كلام الرحمن )..
فقال الإعرابي : بيع والله مربح لا
نقيله ولا نستقيله ..
فخرج إلى الغزو في سبيل الله واسشتهد..
فربح البيع .. والله ..
إنه كلام الرحمن .. ﴿ فَاسْتَبْشِرُواْ
بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ ..
إذا أردت أن تكون من أهلها..
فكن من الخائفين ..
كن من الخائفين من العذاب ، الراجين
الثواب ..
قال الله :﴿ وَلِمَنْ خَافَ
مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ﴾ .. قال صلى الله عليه وسلم :
( جنتان من فضة آنيتهما وما فيهما ، وجنتان
من ذهب آنيتهما وما فيهما ، وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم عز وجل إلا
رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن ) ..
( وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى
ربهم عز وجل إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن)..
قال سبحانه : ﴿ فَأمَّا مَن
طَغَى ، وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ، فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى ، وَأَمَّا
مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى ، فَإِنَّ الْجَنَّةَ
هِيَ الْمَأْوَى ﴾ ..
فأين هي جنة المأوى ؟!.. ﴿ عِندَ سِدْرَةِ
الْمُنْتَهَى ، عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى ، إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا
يَغْشَى ، مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى ، لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ
الْكُبْرَى ﴾ ..
وأنت أيضاً أيتها المشتاقة المستبشرة ..
إذا أردت أن تكوني من أهل الجنان
فاسمعي بعضاً من صفات نسائها ..
قال صلى الله عليه وسلم :
( ألا أخبركم بنساءكم من أهل الجنة الودود
الولود العؤود التي إذا ظلمت قالت لزوجها هذه يدي في يدك لا أذوق غمضاً ولا أنام
حتى ترضى ) ..
وقال أيضا مبشراً الصادقات القانتات
المطيعات :
( إن المرأة إذا صلت خمسها ، وصامت
شهرها ، وحصَّنت فرجها ، وأطاعت زوجها دخلت من أي أبواب الجنة شاءت)..
فماذا تريدين !!! ..
بل اسمعي هذا الخبر العجيب من الرسول
الحبيب ..قالت عائشة رضي الله عنها : جائتني
امرأة معها جاريتان أو ابنتان تسألني حاجة فلم عندي غير تمرة واحدة فأعطيتها إياها فبدل أن
تأكلها قسمتها بين ابنتيها ثم قامت فخرجت ، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته
عائشة بخبرها مع ابنتيها ، وأخبرته بفعلها ، فقال:
( إن الله قد تعجَّب من فعلها ، وإن الله
أوجب لها بها الجنة و أعتقها بها من النار ) ..
بتمرة .. يا حليم .. يا غفار ..
أمة الله إذا أردت أن تكوني من أهل
الجنان ..
فاسألي خديجة ، واسألي فاطمة ، واسألي أم عمارة ، والغميصاء ..
واسألي النساء في العراق وفلسطين ..
واسألي نساء الشيشان ..
واسألي الصادقات المؤمنات وسيري على
طريقهن .. يا رعاك الله..
اعلموا أيها المشتاقون ..اعلموا أيها
المستبشرون ..
أن منازل الجنة إنما تكون على قدرالاجتهاد
ها هنا في الدنيا .. إن منازل الجنة إنما تكون على قدرالاجتهاد ها هنا في
الدنيا ..
فوا عجباً من مضيع لحظة فيها فتسبيحة
واحدة تغرس لك فيها شجرة أكلها دائم وظلها ..
في الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم
قال :
( إنَّ أهل الجنة ليتراؤون أهل الغرف
من فوقهم كما يتراءون الكوكب الدري الغابر من المشرق أو المغرب لتفاضل ما بينهم ) ..
قالوا : يا رسول الله تلك منازل
الأنبياء لا يبلغها غيرهم !..
قال : ( لا والله .. والذي نفسي بيده
يبلغها رجال آمنوا بالله وصدقوا المرسلين )..
فيا أيها الخائف ..
فيا أيها الخائف من فوق ذلك شجع قلبك
بالأمل والرجاء..
فمنذ خروج الروح تنكشف هذه المنازل
لأصحابها لتستقر تلك الأرواح في حواصل طير تعلق في أشجار الجنة ..
فالبدار البدار ..
فالبدار البدار ..قبل أن تصفر شمس العمر، وقبل أن يحين الغروب..
فمن تخيل دوام اللذة في الجنة ..
هان عليه في الدنيا كل بلاء وشدة ..
هان عليه كل بلاء وشدة.. قاله ابن
الجوزي رحمه الله ..
اللهم إنّا نسألك موجبات رحمتك ، وعزائم
مغفرتك ..
اللهم إنا نسألك موجبات رحمتك ، وعزائم
مغفرتك ، والسلامة من كل إثم والغنيمة من كل بر ، والفوز بالجنة والنجاة من النار
..
لا تدع لنا ذنباً إلا غفرته ، ولا
همَاً إلا فرجته ، ولا ديناً إلا قضيته ، ولا حاجة من حوائج الدنيا والآخرة هي لك
رضاً إلا قضيتها يا أرحم الراحمين ..
اللهم إنا نسألك الجنة ..اللهم إنا
نسألك الجنة .. اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل..
نعوذ بك اللهم من النار..نعوذ بك
اللهم من النار.. نعوذ بك اللهم من النار وما قرب إليها من قول أو عمل..
إلهنا تمَّ نورك .. فهديت فلك الحمد
..
عَظُم حلمك .. فغفرت فلك الحمد ..
وبسطت يدك للمسيئين فأعطيت فلك
الحمد..
تُطاع فتشكر ، تُعصى فتغفر ، وتجيب
المضطر ، وتكشف الضر ، وتغفر الذنب ، وتستر العيب ، وتقبل التوب..
وجهك أكرم الوجوه ، وجاهك أعظم الجاه
، وعطيتك أفضل العطايا..
يا من أظهر الجميل ، وستر القبيح ..
يا من لا يؤاخذ بالجريرة ، ولا يهتك
السريرة ..
يا من أظهر الجميل ، وستر القبيح ..
يا من لا يؤاخذ بالجريرة ، ولا يهتك
السريرة ..
يا حسن التجاوز ، ويا واسع المفغرة ،
يا باسط اليدين بالرحمة ..يا باسط اليدين بالرحمة ، يا كريم الصفح ، يا عظيم المن
، يا مبتدأ بالنعم قبل استحقاقها..
يا من له وجب الكمال بذاته***بل كل
غاية فوزهم لقياه ..
أنت الذي لما تعالى جده ***قصرت خطا
الألباب دون سناه..
أنت الذي امتلأ الوجود بحمده***لما
اغتدى ملآن من نعماه ..
إنك ترى مكاننا، وتسمع كلامنا ، وتعلم
سرنا ونجوانا ..
نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العليا
أن تجعلنا ووالدينا وأهلينا وذرياتنا ممن سبقت لهم منك الحسنى .. أن تجعلنا
ووالدينا وأهلينا وذرياتنا والمسلمين ممن سبقت لهم منك الحسنى ..
وأن ترزقنا الأعلى في الجنة من غير
محنة ولا فتنة يا أرحم الراحمين ..
يا من خيرك إلينا نازل ، وشرنا إليك
صاعد ..
يا من تتحبب إلينا بالنعم و أنت غني
عنا ..
و نبتعد إليك بالمعاصي ونحن فقراء إليك
..فقراء إليك .. فقراء إليك ..
أنت أحق من ذُكر ، و أحق من عُبد ،
وأعظم من اقتضي ، وأرأف من ملك ، وأجود من سُئل ، وأوسع من أعطى..
أنت الله .. أنت الله .. أنت الملك لا
شريك لك ، والفرد لا ندَّ لك ..
كل شيء هالك إلا وجهك .. لن تطاع إلا بإذنك
، ولن تعصى إلا بعلمك ..لا راد لفضلك ، ولا معقب لحكم ..أسرع الحاكمين ، وأحكم
الحاكمين وقيوم السماوات والأراضين ..
نسألك بنور وجهك الذي أشرقت له
السماوات والأرض ، وبكل حق هو لك أن تجيرنا من النار بقدرتك.. أن تجيرنا من النار
بقدرتك.. أن تجيرنا من النار بقدرتك ..
وأن تسكنّا الجنة برحمتك.. وأن تسكنّا
الجنة برحمتك .. وأن تسكنا الجنة برحمتك ..
يا عزيز يا غفار يا ذا الجلال
والإكرام ..
اللهم انصرمن نصر الدين ، واخذل من
خذل عبادك الموحدين .
اللهم انصر المجاهدين في سبيلك الذين
يقاتلون من أجل إعلاء كلمة دينك ..
انصر من نصرهم ..اخذل من خذلهم ..قوي
عزائمهم ..اربط على قلوبهم ..أفرغ عليهم صبراً .. ثبت الأقدام ..
اللهم فك أسرانا .. اللهم فك أسرانا
.. اللهم فك أسرانا ..
لقد تتابع عليهم رمضان ثم رمضان ثم رمضان..
كن لهم عوناً وظهيراً ومؤيداً ونصيراً
..
أنزل عليهم رحماتك، وهيء لهم من أمرهم
رشداً ، وهيء لهم من أمرهم مرفقاً..
يا من كنت مع الفتية في الكهف والغار
كن مع أسرانا .. كن مع أسرانا ..
اللهم من سعى في فكاكهم ففك رقبته من
النار .. اللهم من خذلهم فاخذله يا قهار يا جبار..
اللهم أمّن المستضعفين في العراق
والشيشان وفي فلسطين وكشمير وأفغانستان ..
اللهم اجبر مصابنا في باكستان
والسودان وفي كل مكان..
آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا
..
اجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع
رضاك يا رب العالمين..
نسألك علماء ربانيين ، وولاة أمر
صالحين ، ودعاة مخلصين ..
وشابات وفتيان صالحين وصالحات يا رب
العالمين ..
احفظنا ونساءنا من الفتن ما ظهر منها وما
بطن ..
اجعل بلدنا هذا آمناً سخاءً رخاءً
وسائر بلاد المسلمين يا رب العالمين..
اللهم تقبل صيامنا وقيامنا وتجاوز عن
كثير تقصيرنا وآثامنا ..
اللهم اجعل عملنا في رضاك .. اللهم
اجعل عملنا في رضاك . اللهم اجعل عملنا في رضاك ..
اللهم إنا نعوذ بك أن نشرك بك ونحن
نعلم ، ونستغفرك اللهم لما لا نعلم ..
لا تؤاخذنا بالتقصير ، واعفو عنا
الكثير ، وتقبل منا اليسير..
إنك يا مولانا نعم المولى ونعم النصير..
اللهم كما جمعتنا في هذا المكان
الطاهر المبارك فاجمعنا في جنات عدن في مقعد صدق عند مليك مقتدر..
اللهم لا تحرمنا خير ما عندك بأسوأ ما
عندنا يا رحيم يا قهار..
اللهم عاملنا بما أنت أهله ، ولا
تعاملنا بما نحن أهله إنك أنت أهل التقوى وأهل المغفرة..
اللهم صلي على محمد عدد ما طار طير
وطار ، وعدد ما استغفر المستغفرون في
الأسحار ، وعدد ما تعاقب الليل والنهار ..
اللهم لا تحرمنا رؤيته.. اللهم لا
تحرمنا رؤيته.. اللهم لا تحرمنا رؤيته واتباع سنته ..
اللهم اجعلنا من أنصار دعوته ، أوردنا
حوضه ، واسقنا من يده ، ولا تفرق بيننا وبينه حتى تدخلنا مدخله يا رب العالمين..
اللهم اجمعنا بأبي بكر وعمر وعثمان
وعلي والصحابة أجمعين وعلى من سائر على نهجهم ، واجعلنا ممن تبعهم بإحسان إلى يوم
الدين..
سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله
إلا أنت نستغفرك اللهم ونتوب إليك وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله
على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..
للاستماع للمحاضرة على الرابط :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق